هو ارض وادي الرافدين ومهد الحضارات، يشغل الجزء الشرقي من الوطن العربي يحده من الشرق إيران ومن الغرب الأردن وسوريا ومن الجنوب السعودية والكويت والخليج العربي ومن الشمال تركيا وهو ملتقى قارة آسيا وأوربا وأفريقيا .
تبلغ مساحته 438317 كم مربع ويبلغ عدد سكانه حسب إحصاء عام 1997(22017983) نسمة. تقع العاصمة بغداد في وسطه على جانبي نهر دجلة. ومن مدنه الرئيسه البصرة في الجنوب والموصل وأربيل في الشمال وكركوك. ويتميز مناخه بكونه حار جاف صيفاً وبارد ممطر شتاءاً. يبلغ معدل الحرارة السنوية فيه 05ر22 درجة مئوية. يتميز مناخ شمال العراق بكثرة الأمطار وانخفاض درجات الحرارة ويتميز مناخ جنوب العراق بالرطوبة العالية وارتفاع درجات الحرارة صيفاً. يتميز بوفرة ثرواته المعدنية من النفط والغاز والكبريت والفوسفات ومعادن أخرى.
تكوّن الجبال والهضاب والتلال والسهول والأنهار والوديان والبحيرات معالم السطح الرئيسة في العراق. ويمتد فيه نهرا دجلة والفرات اللذان منحا العراق القديم اسم (بلاد وادي الرافدين) يمران في العراق من شماله إلى جنوبه ويلتقيان في الجنوب ليكونا شط العرب في محافظة البصرة.
لمحة تاريخية
مهبط النبوات .. ومنطلق أولى إضاءات الفكر البشري .. ذلك هو الوطن العربي. في أرضه عرفت الحضارة مهدها الأول .. وأضاءت الثقافة الإنسانية شمعتها البكر ، ثم تشعبت إضاءتها شرقاً وغرباً فأسهمت في تطور الحياة البشرية منذ أقدم العصور .
وجاءت الحضارة العربية الإسلامية لتحمل لمجرى التطور الإنساني نهراً جديداً غزير العطاء .. وكان العراق موجة دافقة في تيار هذا النهر الزاخر منذ نشأة المجتمع الإنساني .
السومريون وظهور الحضارة
منذ أوائل الألف الخامس ق . م ، شهد السهل الرسوبي في العراق ( دلتا الرافدين ) قفزة نوعية هامة في تأريخ البشرية ، تلك هي الانتقال من القرى الزراعية إلى حياة المدن . ففي هذا السهل ، وفي ذلك الوقت المبكر، قامت المدن الأولى مثل أريدو ، أور والوركاء . وفي هذه المدن كانت بدايات التخطيط البشري للسيطرة على الفيضانات ، وإنشاء السدود وحفر القنوات والجداول . . حتى مر على هذا السهل زمن كانت فيه شبكة القنوات معجزة من معجزات الري .
ان المعنيين بالدراسات الحضارية يجمعون على أن السومريين هم بناة أقدم حضارة في تأريخ البشرية . . أكدت هذه الحقيقة جميع التنقيبات الأثرية التي أجريت في حواضرهم :
في حدود ( 3200 ق . م) ابتكر السومريون الكتابة ، وعمدوا إلى نشرها . . فقامت في بلاد سومر أولى المدارس في تأريخ البشرية .
الاكديون 2350-2159 ق. م
مسلة نارام سن
من أقدم الأقوام السامية التي استقرت في دلتا الرافدين . . عاشوا منذ أقدم العهود مع السومريين جنباً إلى جـنب ، وآلت إليهم السلطــة في نحو ( 2350 ق .م ) بقيادة زعيمهم سرجون . .
استطاع سرجون الاكدي أن يفرض سيادته على جميع مدن العراق . . ثم بسط نفوذه على بلاد عيلام وسوريا والأناضول ، وامتد إلى الخليج العربي، حتى دانت له كل المنطقة . . وبذلك أسس أول إمبراطورية معروفة في التاريخ .
وتروي القصص التاريخية عن ولادة سـرجون وأصله . . ان معنى اسمــــــه ( شروكين ) الملك الصادق . . وكانت والدته من نساء المعبد ، ولما ولدته وضعته في سفط ، وألقت به في مياه الفرات حيث عثر عليه بستاني ورباه ...
لفت هذا الطفل نظر الآلهة عشتار . . وبينما كان يترعرع ويشب ، كانت تشمله بعطفها وحبها ، وما لبث أن وحد المدن السومرية تحت لواء إمبراطورية واحدة .
شهدت البلاد في هذا العصر انتعاشاً اقتصادياً كبيراً بسبب توسع العلاقات التجاريـة ، خاصة في منطقة الخليج العربي . . كما انتظمت طرق القوافل، وكان منها طريق مهم يصل مدينة أكد -عاصمة الإمبراطورية-، التي تقع في وسط العراق ، بمناجم النحاس في بلاد الأناضول ، حيث كان هذا المعدن ينقل لكي يستعمل في صناعة الأدوات والمعدات الحربية .
البابليون 1894-1594 ق. م
بلغ عدد ملوك سلالة بابل والتي تعرف بـ(السلالة الآمورية) أحد عشر ملكاً ، حكموا ثلاثة قرون .
في هذا العصر ، بلغت حضارة العراق أوج عظمتها وازدهارها ، وعمت اللغة البابلية ، تكلماً وكتابة ، المنطقة قاطبة .. وارتقت العلوم والمعارف والفنون .. واتسعت التجارة اتساعاً لا مثيل له في تأريخ هذه المنطقة .. وكانت الإدارة مركزية ، والبلاد تحكم بقانون موحد سنة الملك حمورابي لجميع شعوبها.
حمواربي
حكم هذا الملك العظيم في بابل بين عامي 1792 - 1750 ق . م وعندما تسلم الحكم كانت في البلاد قوى مختلفة ، ودويلات متفرقة تتنازع السلطة ، فاستطاع أن يوحدها ، وأن يبني بها صرح إمبراطورية مترامية ألإطراف ، ضمت جميع أنحاء العراق ، والمدن القريبة من بلاد الشام حتى سواحل البحر المتوسط وبلاد عيلام ومناطق أخرى . لئن كان حمورابي شخصية عسكرية عالية القدرة ، فان الجانب الإداري والتنظيمي لديه لم يكن يقل عنه في الجانب العسكري.
إن مسلته الشهيرة المنحوتة من حجر الديوريت الأسود والمحفوظة الآن في متحف اللوفر بباريس ، تعتبر واحده من أقدم وأشمل القوانين في وادي الرافدين والعالم .
تحتوي مسلة حمورابي على 282 مادة تعالج مختلف شؤون الحياة . فيها يجد القارئ تنظيماً واعياً لكل مجالات الحياة، وتحديداً وعلى جانب كبير من الدقة لواجبات الفرد وحقوقه في المجتمع ، كل حسب وظيفته ومسؤوليته .
وتولى الحكم بعد وفاة حمورابي خمسة ملوك . . أخرهم "سمسو ديتانا" حيث هاجم الحثيون البلاد في زمنه بعد أن ضعفت حتى احتلوها ، وخربوا العاصمة ونهبوا كنوزها ، ثم قفلوا راجعين إلى جبال طوروس .. وكان ذلك في عام 1594 ق. م.
الكشيون 680 ا-1157 ق. م
الكشيون أقوام جبلية ، لا يعرف شيء عن أصلهم ولغتهم قبل نـزوحهم إلى العراق ، باستثناء عدد يسير مما ورد عنهم في ثبت الملوك البابلي ، ويظن أنها أسماء هندية - أوربية .
زحفوا إلى بلاد بابل من الجبال الشمالية الشرقية في منطقة لورستان ، واحتلوا مدينة بابل بعد أن تراجع عنها الحثيون ، فأسسوا فيها سلالة كشيه التي ورثت جميع ممتلكات الدولة البابلية القديمة في العراق ، ولقب ملوكهم أنفسهم بلقب " ملك أكد وبابل " .
أشهر ملوكهم " كور يكلزو " 1438-1412 ق. م. وقد عاصر امنوفيس الثاني فرعون مصر . . شيد - هذا الملك عاصمه جديدة له سماها باسمــه " دور كوريكلزو" ، وتعرف أطلالها اليوم باسم " عقرقوف " ، وهي على نحو25 كيلو مترا إلى الشمال الغربي من مدينة بغداد . . وأبرز ما فيها زقورتها الشــاهقـة ، القائمة حتى يومنا هذا ، لعبادة الإله الأعظم " أنليل " .
لم يضف الكشيون شيئاً متميزاً الى حضارة وادي الرافدين ، وإنما اقتبسوا من الحضارات التي كانت سائدة فيه . وقد كانت لهم صلات واسعة مع أقطار الشرق القديم في عصر أخناتون ، فقد وجدت أخبارهم في ألواح تل العمارنة في العراق .
الآشوريون
قوم ساميون . . استوطنوا القسم الشمالي من العراق منذ الألف الثالث قبل الميلاد. وكان أمراؤهم يتحينون الفرص للاستقلال بمدنهم عن حكم الدول المسيطرة في جنوب العراق .
برزوا كقوة منافسة على مسرح الأحداث في الشرق القديم في بدايات الألف الأول ق. م ، حين استطاع ملكهم " أداد نيراري الثاني " أن يخضع الأقاليـــم المجاورة ، ويتحالف مع بابل ، وبه بدأت الفتوحات الآشورية التي أسست صرح أعظم إمبراطورية في التاريخ القديم ، ضمن أقطار الشرق القديم . وابتداء من زمن حكم هذا ا الملك ، أرخ الآشوريون أخبـارهـم بالطريقـة المعروفـــة باسم " اللمو " ، وهي إعطاء تأريخ كل سنة يحكم فيها موظف كبير ، ابتداء من اعتلاء الملك العرش .
من أشهر ملوكهم :
آشور ناصر بال الثاني : 884-858 ق. م.
الامبراطورية الاشورية
سنحاريب : 705-681 ق. م.
آشور بانيبال :669-629 ق.م.
الكلدانيون 626-539 ق. م.
في عام 612 ق . م . . سقطت مدينة نينوى بيد الأمير الكلداني " نبو بلاصر" ، بعد أن حاصرها ، ودك حصونها . . فأحرق آخر ملوكها " سن شر أشكن " نفسه في قصره . . وهكذا انتهى النفوذ السياسي والعسكرى للآشوريين ، وبدأت صفحة جديدة من تأريخ العراق القديم حمل فيها الكلدانيون مشعل الحضارة في وادي الرافدين . أشهر ملوك الكلدانيين " نبوخذ نصر " . . حكم 43 سنة ، قضاها في تعمير بابل . . . ولعل أعظم أعماله العمرانية ، وأوسعها شهرة ، الجنائن المعلقة التي عرفت في التاريخ بكونها إحدى عجائب الدنيا السبع . . وهي قصر عجيب بناه نبوخذ نصر لزوجته " أمانيس " بنت " استياكس " . . ولأنها من سكنة الجبال ، فقد أراد نبوخذ نصر أن يوفر لها مناخاً شبيهاً بمناخ المناطق الجبلية ، فبنى قصرها هذا من عدة طوابق . . وكل طابق فيه مكسو بالحدائق والأشجار . . سحب المياه لسقيها بطرق غاية في البراعة والإبداع . ومن الإبداعات العمرانية التي زخرت بها مدينة بابل (باب عشتار) ، المحفوظة الآن في متحف برلين . وقد زينت بآجر مزجج وملون بالوان زاهية . . تبرز على جدرانها تماثيل جدارية تمثل الأسد والثور والحيوان الخرافي المسمى " مشخشو " وهو رمز الإله مردوك . يبلغ ارتفاع باب عشتار مع أبراجها خمسين متراً . . وعرضها ثمانية أمتار ، وهي تؤدي إلى شارع الموكب الذي يبلغ طوله أكثر من مائة متر ، تحيط به - عن جانبيه - الأبراج . لقد شملت أعمال نبوخذ نصر العمرانيـة جميع بلاد بابل مثل فتح الترع وبناء السدود . . ولكونه مصلحاً دينياً فقد نشر الثقافة البابلية في جميع أرجاء المنطقة . وبعد وفاة نبوخذ نصر سنة (562 ق.م. ) .. اعتلى عرش بابل ملوك ضعفاء ، لم يقدموا للحضارة شيئاً يذكر ، ولا استطاعوا المحافظة على ما تركه السابقون ... وفي عام (539 ق.م.) ، استطاع كورش - ملك بلاد فارس - بمساعدة اليهود غزو مدينة بابل .
العرب والإسلام 637 م
بعد سقوط الإمبراطورية الكلدانية عام 538 ق.م. ، تعاقبت عل حكم بلاد وادي الرافدين عدة سلالات أجنبية ، منها الأخمينيون ، والاسكندر المقدوني، والسلوقيون ، والفرثيون ، والساسانيون . وفي عهد الملك الساساني " يزدجرد الثالث " ، قاد سعد ابن أبي وقاص جيوش التحرير العربية الإسلامية ، وحرر العراق من سيطرة الساسانيين بعد معركة القادسية الشهيرة في عام 637 م ، ثم لاحق جيش يزدجرد إلى إيران ، فكانت واقعة النهاوند في عام 642 م ، التي أنكسر فيها الفرس ، وهرب ملكهم ، وقتل عام 651 م . . وانتهى بذلك الحكم الفارسي الساساني ، وبدأ العهد الإسلامي العربي .
كان للعرب قبل الإسلام دويلات وإمارات في العراق و بلاد الشام . . بالإضافة إلى دولهم في الجزيرة العربية . . وقد شيدوا مراكز كثيرة للقوافل التجارية عبر الصحارى ، ولا سيما في العهد الفرثي والبيزنطي والساساني . . وما لبثت هذه المراكز أن أصبحت مدنا كبيرة ذات عمارات وحصون ، وأصبح لها شأن كبير بسبب موقعها على طرق القوافل التجارية والحملات العسكرية بين الدول المتناحرة للسيطرة على المنطقة : الفرس والرومان والبيزنطيون . . في هذه المدن تمازجت الحضارات الفارسية والهيلينية والبيزنطية ، منصهرة مع حضارة سكانها العرب . ان أهم مراكز العرب وأقوامها في تلك الفترة : الأنباط في البتراء، وآل نصرو في الحضر، وعرب تدمر ، والغساسنة في وادي حوران جنوبي دمشق ، والمناذرة التنوخيون واللخميون في الحيرة . . وقد دام حكمهم حتى الفتح الإسلامي .